في بعض الحالات، قد يكون من المفيد التحدّث إلى أرباب العمل عن الإساءة التي تتعرّض/ين لها على الإنترنت.
وفقاً لدراسة عالمية أجراها اليونيسكو والمركز الدولي للصحافيين، أفاد 23% من الصحافيين تقريباً أنّ المضايقات التي واجهوها على الإنترنت شملت تهديدات ضد مكانتهم المهنية. في الواقع، يعتمد الكثير من الكتّاب، لا سيما الكتّاب الناشئين والعاملين لحسابهم الخاص، على الدعاية الشفهية أو شهادات التزكية للحصول على عمل مدفوع الأجر، كما أنّ أولئك المعروفين أصبحوا يستفيدون، أكثر فأكثر، من حضورهم على الإنترنت للترويج لكتاباتهم الأخيرة. لذا، عندما يبدأ أحد المتصيّدين بإزعاجك في منتدى إلكتروني، أو بنشر أكاذيب عنك من خلال حسابه الشخصي أو سلسلة من الحسابات الوهمية، يمكن أن يخلّف هذا الأمر عواقب وخيمة على حياتك المهنية. بالفعل، من التهديدات المحدّدة التي تطال حياة الشخص المهنية، الإساءة إلى سمعته، أو الضغط على الناشرين لحثّهم على عدم التعامل معه، أو الإضرار بمبيعات أعماله المنشورة، أو منعه من الحصول على عمل آخر في المستقبل.
إذا كانت هناك معلومات مضللة و/أو مشوّهة لسمعتك على الإنترنت، ويُحتمل أن يراها رئيسك الحالي أو المقبل، فلعلّه من الأفضل معالجة هذه المشكلة مباشرةً، خاصةً إذا كانت تجمعك علاقة حسنة بمعارفك المهنيين الموثوقين. من يدري، لربّما تكسب/ين حليفاً مهمّاً في سياق هذه العملية. في الحالات التي يكون فيها معارفك متحمّسين لمساعدتك، لكنهم يجهلون كيف، يمكنك توجيههم إلى قراءة أفضل الممارسات الخاصة بأرباب عمل الكتاب والصحافيين.
مع من تريد/ين التحدث ومتى
قد يكون من الصعب عليك اختيار الشخص الذي تريد/ين التحدّث إليه على مستوى شخصي، بشأن المضايقات التي تتعرّض/ين لها على الإنترنت. فكيف إذا قرّرت مصارحة أحد معارفك المهنيين الموثوقين بالأمر أو رئيسك في العمل. ينطبق هذا الأمر بشكل خاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يُحتمل ألا تعتنق المطبوعات الإخبارية دوماً المعايير المثلى لحرية التعبير، بسبب الحدود والقيود التي تفرضها الحكومات. ولما كان الكشف عن بعض جوانب حياتك الشخصية لرئيسك في العمل قد ينطوي على بعض المخاطر، نقترح عليك تحكيم عقلك عند تقرير مع من تريد/ين التحدّث ومتى. بعبارة أخرى، ابدأ/ي بتقييم التهديد المحدق بك من خلال الرجوع إلى هذه الصفحة من كتيّبنا، وتقدير المخاطر التي يمكن أن تتعرّض/ي لها في حياتك المهنية.
تذكّر/ي أيضاً أنّ التحدّث إلى رئيس موثوق، أو زميل في المهنة، عما تتعرّض/ين له من مضايقات على الإنترنت قد يسبّب لك شعوراً بالإحراج والخجل؛ لا بل قد تخشي/ن حتى العواقب المهنية المتأتية عن “إقرارك” بمزاولة نشاط إلكتروني خرج عن سيطرتك. لكنّ التحدّث إلى هؤلاء الأشخاص قد يكون طريقةً لكسب الحلفاء، وتوسيع نطاق مجتمعك الداعم، والتحكّم، نوعاً ما، بوضع صعب. في العادة، تتمتع المؤسسات التي تتعامل مع الكتّاب الموظفين لديها بمصلحة ذاتية في حماية سمعتهم في المقام الأول، لكن هذا لا يعني أنها لا تستطيع الدفاع عن سمعة الكتّاب المستقلين المنتسبين إليها أيضاً.
من الأمثلة على الإساءة الإلكترونية التي يمكن أن تؤثّر على حياتك المهنية:
- التهديدات بالعنف؛
- خطاب الكراهية المقترن باسمك؛
- الأكاذيب المشوّهة لسمعتك؛
- التشهير من قبل مجموعات متضافرة و/أو حملات المعلومات المضللة التي يطلقها أفراد أو مجموعات؛
- الهجمات الشخصية التي تستهدف شخصك في أقسام التعليقات لمقالة ما، أو في قسم آراء العملاء لموقع إلكتروني عن التسوق عبر الإنترنت (مع ضرورة تمييز هذه الهجمات عن الانتقادات السلبية لعملك. فقد لا تسرّك الانتقادات السلبية البناءة إلا أنها جزء لا مفرّ منه من نشر عملك. أما التهديدات والتهجم على هويتك وإنسانيتك، فلا تضفي أي قيمة على المناقشات العامة حول كتاباتك)؛
- نشر صور جنسية جلية تكون إما حقيقية أو تمّ التلاعب بها لإظهار شكلك.
خطوات للتحدّث مع معارفك المهنيين
- حدّد/ي جمهورك وهدفك. حدّد/ي أين يقع جمهورك المستهدف ضمن شبكة معارفك المهنية. فيساعدك هذا الأمر على تحديد كمية المعلومات التي تريد/ين كشفها بشأن المضايقة التي تتعرّض/ين لها على الإنترنت. فهل هو:
- مدير أعمالك أو محرّر تربطك به علاقة وطيدة؟
- محرّر يسند إليك عملاً حراً من وقت إلى آخر؟
- رئيس لوظيفة محتملة بدوام كامل يجري معك مقابلة للمرة الأولى في شركته؟
ابذل/ي قصارى جهدك لتقييم مدى تقبّل جمهورك لطبيعة الإساءة التي تتعرّض/ين لها، ومدى ارتياحك إلى التحدّث عنها على العلن. فقد يكون من الصعب مناقشة بعض الأمور في سياق مهني، مثل التهديدات بالعنف الجنسي، أو خطاب الكراهية التي يتسبّب بالخوف أو الصدمة النفسية والذي يستهدف أي جزء من هويتك، فضلاً عن أي شيء يربط اسمك بصور جنسية أو عنيفة. لذا، فكّر/ي في ما يلي:
- هل في شركتك مسؤول عن الموارد البشرية يمكنك دعوته إلى المشاركة في المحادثة، كشخص يكون مدرّباً على تقديم وساطة في الأوضاع الحساسة؟
- إلى أي مدى أنت مقرّب/ة من جمهورك المستهدف؟ هل تربطك به علاقة تسمح لك بنشر معلومات عن حياتك الشخصية من دون تلقي أحكام مسبقة؟ أم هل تفضّل/ين الحفاظ على مستوى معيّن من اللباقة ومعالجة المضايقة على الإنترنت بطريقة أكثر عمومية؟ (انظر/ي الخطوة 4 أدناه للحصول على المزيد من المعلومات).
بعد أن تكون/ي قد أحطت بخصائص جمهورك المحدّدة، وضّح/ي لماذا تريد/ين معالجة مشكلة المضايقة التي تتعرض/ين لها على الإنترنت. فهل أنت:
- قلق/ة بشأن خسارة صاحب عمل محتمل قد يجري بحثاً على الإنترنت ويكتشف ما يُقال عنك؟
- قلق/ة من أن يتخلى عنك مدير أعمال/ ناشر/ أو رئيس عمل يوظّفك بشكل مؤقت خوفاً من ربط اسم شركته أو علامته التجارية بالمضايقة التي تتعرّض/ين لها على الإنترنت؟
- قلق/ة من أن تقوم السلطات المحلية بإدانتك عن طريق الخطأ لمجرّد ممارستك حرية التعبير؟
- قلق/ة من أن يقوم المتحرّش/ون بك بالتواصل مع رئيسك في العمل لحثّه على طردك؟
في السيناريوهات أعلاه (مع العلم أنّ هناك الكثير من الأسباب الأخرى التي قد تدفعك إلى التحدّث مع أحد معارفك في المهنة، فالقائمة أعلاه ليست بشاملة)، يمكنك، من خلال معالجة مشكلة المضايقة الإلكترونية التي تتعرّض/ين لها، أن تعطي محاورك فكرةً أعمق عما يجري، وهي فكرة ما كان ليكون بمقدوره معرفتها.
-
حدّد/ي هدفك النهائي
بعد تحديد مع من تريد/ين الكلام ولماذا ترغب/ين في التحدّث معه، حدّد/ي النتيجة المرجوّة لكي تبدأ/ي الحديث برؤية واضحة بشأن ما تريد/ين تحقيقه. فهل:
- تريد/ين تصفية الأجواء وسرد القصة من وجهة نظرك؟
- تريد/ين إقناع صاحب عمل/ ناشر محتمل بأنه رغم المعلومات المغلوطة/ السلبية المنتشرة عنك على الإنترنت، أنت كاتب/ة يستحق أن يُستثمر فيه/ا؟
- ترغب/ين في الاستعانة برئيسك في العمل كحليف للدفاع عنك ضد أي إدانات تعسّفية بحقّك جراء ممارستك لحرية التعبير؟
- تريد/ين الحصول على نوع محدّد من الدعم، كأن تطلب/ي من رئيسك في العمل:
- توزيع بيانٍ باسمك، إما داخلياً أو في الأوساط العامة.
- معالجة مشكلة المضايقات الإلكترونية على قنوات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالمؤسسة
- إشراك موظفي الأمن في الشركة و/أو طلب دعم تقني
- الطلب من رئيسك في العمل إعادة النظر في سياسة إدارة التعليقات الخاصة بالمؤسسة
- الطلب من رئيسك في العمل اتّخاذ خطوات محدّدة لتجنّب أي تصعيد في الإساءة ضدك (للمزيد، راجع/ي أفضل الممارسات الخاصة بأرباب عمل الكتاب والصحافيين).
ابدأ/ي المحادثة وقد كوّنت رؤية واضحة عما تأمل/ين تحقيقه. تعامل/ي مع هذا الهدف النهائي على أنه “بيان أطروحة” المحادثة: فأعلن/ي عنه بشكل واضح في بداية الحديث قبل التعمّق في صلب الموضوع. مثلاً: “إذا أجريت بحثاً عني على غوغل الآن، ستجد مقالاً مغلوطاً تماماً ومهيناً بشكل واضح عني على إحدى المدوّنات الإلكترونية. لذا، أودّ أن أصوّب الأمور مباشرةً وتصحيح الوقائع منذ البداية.”
-
قيّم/ي جمهورك وابدأ/ي بالأساسيات
لا يلمّ الجميع بطريقة عمل منصّات الإنترنت، ولا يعرفون أنّ المضايقات الإلكترونية يمكن أن تقضي على حياة الشخص المهنية ورفاهه. قيّم/ي مدى إلمام جمهورك بالشؤون الرقمية. فإذا لم يكن ملمّاً بها، استعدّ/ي لشرح الإساءات بكلمات بسيطة وسهلة الفهم، واستقبل/ي أي سؤال توضيحي برحابة صدر. (نادراً ما يُقصد بهذه الأسئلة التشكيك بتجربتك بالضرورة، بل استيضاح ما حدث لك). إذاً، من دون استخدام مصطلحات تقنية كثيرة قد تتطلّب منك مزيداً من الشرح (مثل ميمز، تغريدات، صور GIF، رسائل مباشرة إلخ.)، افعل/ي ما بوسعك لشرح أين وقعت الإساءة وكيف. قد يكون من المفيد أن تحضّر/ي بعض الجمل أو حتى أن تكتب/ي بعض الحقائق عن المضايقات الإلكترونية وتأثيرها. بعد إرساء أساس الحديث، يمكنك الانطلاق والتوسّع أكثر، محدّداً/ة درجة التفاصيل التي تريد/ين التعمّق فيها بشأن تجربتك/تجاربك.
-
حدّد/ي مقدار المحتوى الذي تريد/ين كشفه في سياق مهني
تختلف هذه الخطوة بين شخص وآخر، تبعاً للشخص الذي تتحدّث/ين معه وطبيعة المضايقات الإلكترونية التي تتعرّض/ين لها. قد يكون الكشف عن تفاصيل محدّدة متعلقة بالإساءة خطوةً لا بدّ منها، لمساعدتك في توضيح قسوة هذا التحرّش. لكنّ بعض الأشخاص لا يرتاحون إلى نشر تفاصيل ذات طابع جنسي واضح، أو تنطوي على العنف أو الإجحاف. فإذا كنت غير مرتاح/ة إلى التحدّث بشكل واضح وصريح عن المضايقة التي تتعرّض/ين لها على الإنترنت، فكّر/ي في وصفها خطياً. أما إذا كنت تفضّل/ين التحدّث عنها شفهياً، فحضّر/ي ما تريد/ين قوله مسبقاً. بالإضافة إلى ذلك، إذا كنت تحتفظ/ين بلقطات شاشة أو توثّق/ين المضايقات، من المفيد إحضار هذه المواد لتوفّر/ي على نفسك عناء تكرار الجمل المؤلمة أو المهينة.
-
وضّح/ي كيف أثّرت الإساءة الإلكترونية على حياتك
جرّب/ي إقامة رابط بين المضايقة التي تتعرّض/ين لها عبر الإنترنت والنتائج الملموسة المتأتية عنها، لكي يتمكّن محاورك من رؤية الأمور من وجهة نظرك، فتبديد أي شكوك قد تكون لديه حيال حدّة هذه المضايقة وصرامتها. استخدم/ي جملاً بصيغة المتكلم مثل: “المضايقة عبر الإنترنت تؤثّر على إنتاجيتي ككاتب/ة”، “أخشى على سلامتي وأحتاج إلى دعمك”، “أنا قلق/ة من أن تكون هذه التجربة قد شوّهت سمعتي وسأكون شاكراً/ة إذا أصدرت بياناً باسمي.”
-
إذا لم تجر المحادثة كما كنت تأمل/ين، لا تجزع/ي.
إذا كان الشخص الذي تتحدّث/ين معه غير متعاطف مع موقفك، أو إذا كان يفيض بالتعاطف لكنه لا يستطيع إيجاد طريقة لمساعدتك، خذ/ي خطوةً إلى الوراء وفكّر/ي في الخيارات المتاحة لك. هل من زميل آخر يمكنك التحدّث إليه في المؤسسة نفسها، أي شخص يمكنك أن يكون حليفك في نضالك هذا؟ هل هناك مقال محدّد عن المضايقة على الإنترنت قد يساعد رئيسك في العمل على فهم حدّة هذه الظاهرة ومدى تأثيرها؟ أوسيكون من المفيد إذا أطلعت جمهورك المستهدف على أفضل الممارسات الخاصة بأرباب عمل الكتاب والصحافيين؟ من المحتمل ألا يتمكّن الجميع من دعمك أثناء تعرّضك للإساءة على الإنترنت، أو ألا يرغبون في ذلك. ليس الذنب بذنبك. واظب/ي على المحاولة، واحرص/ي دوماً على الاستفادة من مجتمعك الداعم، على الإنترنت.
لمَ يقوم أصحاب العمل بتحقيقهم الخاص: في بعض الحالات، قد يرغب صاحب العمل في إجراء تحقيقه الخاص في مسألة الإساءة التي تتعرّض/ين لها والتحقق من روايتك للأحداث. هذا أمرٌ مفهوم ومتوقع أن تقوم به المؤسسة، وإن كان محبطاً في بعض الأحيان: فعلى المؤسسة الدفاع عن سمعتها، ومن الأرجح أنها تريد التحقق من صحة أقوالك قبل اتّخاذ أي إجراء. (فكّر/ي في الأمر على هذا النحو: إذا اتّصل المتحرّش بربّ عملك مطالباً بطردك فوراً، فستتمنى/ين أن يتّخذ رئيسك الخطوات نفسها للتحقق من اتهامات المتحرّش وتبيّن أن مزاعمه خاطئة.) كذلك، ستحدث/ين فرقاً كبيراً إذا أبرزت الوثائق التي تدلّ على أنّك تتعرّض/ين فعلاً للمضايقة على الإنترنت.
